موقع الدكتور فلاح خلف الربيعي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
و أهلا وسهلا بكم

د.فلاح خلف الربيعي

صورتي
كلية الادارة والاقتصاد / قسم الاقتصاد / الجامعة المستنصرية

الأحد، مارس 09، 2008

أراء ومقترحات حول نظام البطاقة التموينية في العراق

فلاح خلف الربيعي
يثار بين آونة وأخرى موضوع إلغاء برامج الدعم الحكومي وبخاصة دعم السلع التموينية ،بحجة أن هذه البرامج تفتقر الى الكفاءة،وأن إلغاؤها يمكن أن يساهم في إنعاش الاقتصاد العراقي.ومكافحة بيروقراطية الدولة وفسادها الإداري واستثمار أموال الدعم في مشاريع إنتاجية أكثر جدوى ويخفف من ظاهرة اتكال الفرد على الدولة ويشجيع المبادرة الفردية ويعزز ليبرالية الاقتصاد وينأى بالفرد عن مركزية الدولة والقطاع العام بوصفهما رديفين للاستبداد السياسي.
ويكتسب هذا الموضوع اهمية استثنائية في ظل استمرار التلكؤ في تجهيز السلع التموينية ، وعجز أجهزة وزارة التجارة عن الإيفاء بالتزاماتها والتي تلقي المسؤولية بدورها على ضعف التخصيصات المالية والتباطؤ في تقديمها في أوقاتها المطلوبة فضلا عن مظاهر الفساد المصاحبة للبطاقة التموينية، ورداءة مواد الحصة التموينية وتلف نسبة كبيرة منها،
وفي ظل هذه الظروف أصبح نظام التوزيع العام للسلع التموينية إحدى المعضلات العسيرة التي تواجه الحكومة العراقية. فهو من ناحية نظام فاعل جداً في الوصول الى الفقراء،غير أنه من ناحية أخرى يحقق أهدافه بطريقة بتكلفة باهظة تتجاوز 20% من إيرادات الحكومة.ومما يفاقم الأمور عدم وجود شبكات أمان بديلة لهذا النظام تكون فاعلة على نطاق واسع. فماذا ينبغي على صانعي السياسة أن يفعلوا بشأن هذا النظام ؟
وهنا يعرض خبراء البنك الدولي عدداً من المقترحات بخصوص مستقبل هذا النظام في العراق تشمل عدد من المقترحات من أبرزها :-
المقترح الأول:- الإسراع بإلغاء نظام التوزيع العام للسلع التموينية:-
وفي رأينا سيكون لهذا الأجراء إذا طبق فعلا أثر كاسح على الفقراء الذين ليس لديهم أي شبكة أمان بديلة، فنتيجة لضعف مرونة الجهاز الإنتاجي للقطاع الخاص المحلي في الاستجابة للإلغاء السريع لنظام التوزيع العام سيحدث انخفاض كبير في عرض المواد الغذائية و سترتفع أسعارها بشكل كبير وسيتدهور مستوى معيشة الفقراء بصورة أكبر.
المقترح الثاني:-تقديم دفعات نقدية شاملة:-
ورغم أن الدفعات النقدية تتفوق على الحصص الغذائية في كونها تخفف من ظاهرة تشوه الأسعار.غير أن هذا المقترح سيصطدم أيضا بضعف استجابة القطاع الخاص لزيادة العرض في المدى القصير.فضلا عن وجود معضلات أخرى، معظمها يخص النظام المصرفي،فالمصارف الحالية غير قادرة على التعامل مع هذا النظام لضعف الاتصال فيما بينها أو لعدم توفر فروع لديها في بعض أجزاء البلاد،كما أن تدهور الوضع الأمني سيجعل من عملية نقل المبالغ النقدية بين فروع المصارف أو الى الأسر المستحقة عملية ليست سهلة، كما أن تنقيد نظام التوزيع العام لن يؤدِ الى أي توفير في الموازنة في حال تم التعويض على الأسر تعويضاً كاملاً.
المقترح الثالث :- إدخال مفهوم الاستهداف الذاتي:-
يواجه تنفيذ هذا المقترح صعوبات عديدة أبرزها،صعوبة أجراء حصر لدخول غالبية السكان، لعدم توفر الظروف المناسبة والإمكانيات اللازمة للوصول الى التشخيص الإحصائي لمستويات المعيشة ومعرفة نسبة الآسر الفقيرة التي يشملها الاستهداف ،فهذا النوع من التشخيص يحتاج الى بيانات التفصيلية عن أنفاق الأسرة للوصول إلى مفهوم موحد حول الموقع الجغرافي والخصائص النموذجية للأسر الفقيرة.زد على ذلك أن العديد من الآسر العراقية تنظر الى نظام التوزيع العام على انه حق شامل وان سحب المزايا من الطبقة المتوسطة قد يدفع الى زعزعة الاستقرار السياسي.وهناك ثمة مداخل أخرى تخص الاستهداف الذاتي قد تكون مفيدة أيضا.أحدها يطلب من الأسر إعادة التسجيل على البطاقة التموينية للتثبت بأنها من أسر فقيرة فعلا .وأخر يطالب بحملة إعلامية لتوضيح تكاليف الفرص البديلة لنظام التوزيع العام للجمهور،يمكن أن تدفع الأسر ذات الدخول المرتفعة الى الخروج طواعية من هذا النظام بدواعي التعفف والشعور الوطني. وباختصار فأن مناهج الاستهداف الذاتي يمكن أن تتمخض عن وفورات كبيرة في الموازنة مع الحد الأدنى من التكاليف الإدارية.
المقترح الرابع :-تقليص عدد المواد في السلة التموينية:-
إن تقليص عدد المواد سيؤدي الى تبسيط عمل وزارة التجارة من حيث التعاقد على الشراء ومتابعة الصرف وحركة المخزون غير أن تنفيذ هذا الأجراء يقتضي القيام بمزيد من الدراسة لتحديد المواد التي ينبغي إلغاؤها.
المقترح الخامس:- تحسين إجراءات التوريد والإدارة المالية من خلال :-
(1) استخدام عرض سعري ووثائق عقود محددة أكثر وأوضح، إضافة الى استدراج علني للعروض.
(2) مكننة أنظمة مراقبة المخزون وربطها كي يتسنى تتبع موقع مواد نظام التوزيع العام في جميع النقاط.
(3) تحديث لوائح المستفيدين ومكننتها ليتسنى المباشرة في تنفيذ عملية تحديد المستحقين الفعليين .
(4) تطبيق نظام إدارة مالية حديث وصارم يتيح القيام بتقويم دقيق لتكلفة نظام التوزيع ويتحاشى التبذير .

وبصرف النظر عن وجهة نظر خبراء البنك الدولي التي تستند على الاعتبارات الاقتصادية الصرفة .
لا نحتاج الى التذكير بأن الحصة التموينية في العراق أصبحت جزءاً من مفهومي (الأمن الاجتماعي) و(الأمن النفسي) إذ يحصل عليها كل عراقي بما فيهم الشيوخ والأطفال والعاجزون والمعوقون والمتقاعدون وربات البيوت ونزلاء المستشفيات والسجون والعاطلون عن العمل.
وإن دعم الدولة للبطاقة التموينية يحرر المواطنين العراقيين من عقد الخوف والقلق على عائلاتهم وعلى أنفسهم وهو بالتالي يقف بحزم ضد المتلاعبين بالأسعار ولهذا يحتاج إلى مبالغ إضافية تخصص من قبل ميزانية الدولة إلى جانب السعي للتخلص من البطالة وإيجاد فرص عمل لهم، وبالعكس فإن إلغائها أو تقليصها سوف يؤدي إلى نتائج كارثية في ظروفنا الحالية التي يعانى فيها أكثرية المواطنين الأمرين بسبب إنفلات الوضع الأمني والإرهاب وارتفاع الأسعار المضطرد ، أن هذه الاعتبارات تجعل البطاقة التموينية تشكل الملاذ الأخير للحد من تعاظم معدلات الفقر والجريمة والعنف الاجتماعي والاضطرابات النفسية،وعليه ليس من الحكمة أن تفكر الحكومة بالعبث في هذا الموضوع في مثل هذه الظروف، في الوقت الذي تحظى فيه الاعتبارات الأمنية الصرفة بالأولوية في جميع اهتماماتها .

ليست هناك تعليقات: