موقع الدكتور فلاح خلف الربيعي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
و أهلا وسهلا بكم

د.فلاح خلف الربيعي

صورتي
كلية الادارة والاقتصاد / قسم الاقتصاد / الجامعة المستنصرية

الجمعة، فبراير 29، 2008

من أجل تفسير موضوعي لظاهرة التضخم في الاقتصاد العراقي

د.فلاح خلف الربيعي
تروج بعض الصحف العراقية هذه الأيام لمجموعة من التحليلات التي تربط بين الارتفاع الكبير الذي حدث في الأشهر الأخيرة في معدلات التضخم وبين قرار الحكومة المتعلق برفع أسعار المشتقات،و أقل ما يقال عن تلك التحليلات أنها تفتقر الى الموضوعية ،فظاهرة التضخم في العراق ظاهرة مركبة لا يساهم في تشكيلها عامل واحد فقط كالزيادة في أسعار المشتقات أو الزيادة في السيولة النقدية ،بل تعود الى عدد من العوامل النقدية و الحقيقية ،و هي ظاهرة غير نابعة من القطاع النقدي كما كانت في ظل النظام السابق ، بل أنها ظاهرة ناجمة عن الاختلالات في قطاع الإنتاجي الحقيقي ،حيث يعاني الاقتصاد العراقي من أختلالات هيكلية عميقة و تدهور في إنتاجية قطاعاته السلعية وبخاصة قطاع الزراعة والصناعة التحويلية.وبهدف تسليط الضوء على الأسباب الحقيقية التي ساهمت في وصول التضخم الى معدلاته الحالية سنتناول مفهوم التضخم ، وأثاره الاقتصادية ، واهم العوامل التي ساهمت في استفحاله في الاقتصاد العراقي .
أولا /مفهوم لتضخمالتضخم: "هو ظاهرة الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار" أي أنه حركة مستمرة في المستوى العام للأسعار وبالاتجاه الصعودي سواء كان هذا الارتفاع ناتج عن زيادة في كمية النقد تجعل التيار النقدي أكبر من التيار السلعي أو أنه ناجم عن ارتفاع تكاليف الإنتاج أو ناجم عن وجود فائض في الطلب الكلي ، فضلا عن الدور المغذي للتوقعات التضخمية
ثانيا/ خصائص ظاهرة التضخم:-
بناء على تعريف التضخم يمكن أن نحدد الخصائص التالية لظاهرة التضخم:-
1- أن التضخم ظاهرة معقدة ومركبة ومتعددة الأبعاد ،فهي لا تقتصر على عامل واحد و أنما هي نتاج لعوامل متعددة ،قد تكون متعارضة فيما بينها .
2- أن التضخم ناتج عن اختلال العلاقات ألسعريه بين الأسعار النسبية (أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية و الإنتاجية) من ناحية وبين أسعار عناصر الإنتاج ( مستوى الإرباح ومستوى الأجور ) من ناحية ثانية وهذا الاختلال سينعكس أثرة بشكل ارتفاع في مستوى الأسعار .
3-أن التضخم يعني في الحقيقة انخفاض القوة الشرائية لحاملي النقود لهذا فالتضخم يعمق حالة التفاوت بين دخول عناصر الإنتاج .
ثالثا /أنواع التضخم
1- تضخم جذب الطلب:- ويحدث عندما ترتفع الأسعار نتيجة لوجود فائض كبير في الطلب الكلي مقارنة بالعرض الكلي ( الانتاج المحلي والاستيراد) ، وفي هذه الحالة فإن زيادة الإنفاق في الاقتصاد القومي لا تمثل زيادة في الإنتاج الحقيقي بقدر ما تكون نتيجتها زيادة الأسعار .
2- التضخم الزاحف:- ويقصد به الارتفاع بمقدار 1 أو 2 أو 3% سنويًا في المستوى العام للأسعار، وهذا النوع من التضخم عليه خلاف بين الاقتصاديين حيث يرى بعضهم في نسبة الارتفاع البسيطة في الأسعار ستحفز عملية النمو الاقتصادي ، ففي أوقات التضخم الزاحف ترتفع أسعار السلع قبل ارتفاع أسعار الموارد فيؤدي ذلك إلى زيادة الأرباح مما يدفع رجال الأعمال إلى زيادة الاستثمارات. بينما يرى البعض الآخر أن الآثار التراكمية لمثل هذا التضخم تكون شديدة؛ فارتفاع سنوي قدره 3% في المستوى العام للأسعار إنما يعني مضاعفة المستوى العام للأسعار في حوالي 23 سنة، كما أن التضخم الزاحف يتضاعف بسرعة ويؤدي إلى التضخم الشديد الجامح.
3-التضخم الجامح:- وهو تضخم حلزوني تصاعدي في الأسعار والأجور؛ و هذا النوع من التضخم يغذي نفسه بنفسه. و يحدث في الغالب نتيجة لقيام الحكومة باستخدام سياسة "تنقيد الدين" أو طبع النقود لتمويل العجز في موازنتها ، وأشهر مثال على هذا النوع من التضخم هو ما شهده العراق خلال سنوات الحصار الاقتصادي ، حين قامت الحكومة بطبع النقود بمعدلات مرتفعة للغاية لتغطية العجز المستديم في ميزانيتها .

رابعا/ آثار التضخم
1-فقدان النقود لوظيفتها كمقياس للقيمة ومخزن للقيمة :- فكلما اشتدت موجة الغلاء انخفضت قيمة النقود مما يسبب اضطرابًا في المعاملات بين الدائنين والمدينين، وبين البائعين والمشترين، وبين المنتجين والمستهلكين، وتشيع الفوضى داخل الاقتصاد المحلي، وإذا حدث ذلك فقد يتخلَّى الناس عن عملة بلدهم، ويلجئون إلى مقاييس أخرى للقيمة كالدولار والذهب.هذا كله نتيجة العبث الذي يحدثه التضخم في منظومة الأسعار النسبية؛ أي أنه لو كانت جميع أسعار السلع والخدمات ترتفع بنسبة واحدة وفي نفس الوقت، ما كانت هناك مشكلات. لكن ما يحدث أنه في غمار موجة الغلاء توجد طائفة من السلع والخدمات ترتفع أسعارها بسرعة كبيرة، وطائفة أخرى قد تتغير ببطء، وهناك طائفة ثالثة تظل جامدة بلا تغيير وهذا الأمر يعود الى مرونات الطلب السعرية لتلك السلع ، التي يتحدد في ضوئها مقدار التغير النسبي في الكمية المطلوبة من السلعة نتيجة للتغير الذي حدث في سعرها بوحدة واحدة، ولهذا هناك من يستفيد وهناك من يُضار من هذا التضخم المستمر. 2- إعادة توزيع الدخل القومي بين طبقات المجتمع وبطريقة عشوائية:-يؤدي التضخم الى إعادة توزيع الدخل القومي بين طبقات المجتمع لصالح أصحاب الدخول المتغيرة مثل: التجار ورجال الأعمال، فتزيد دخولهم عادة مع تزايد مع معدلات التضخم، بل إنها في كثير من الحالات ترتفع بنسبة أكبر من نسبة ارتفاع المستوى العام للأسعار، وهم بذلك المستفيدون من هذا التضخم.في حين تتدهور الدخول الحقيقة لأصحاب الدخول الثابتة والمحدودة مثل: موظفي الحكومة والقطاع العام لذلك فهم المتضررون من التضخم؛ حيث إن دخولهم عادة ما تكون ثابتة، وحتى لو تغيرت فإنها تتغير ببطء شديد وبنسبة أقل من نسبة ارتفاع المستوى العام للأسعار .
3- إعادة توزيع الثروة القومية بين طبقات المجتمع وبطريقة عشوائية:- فالمدخرون لأصول مالية كالودائع طويلة الأجل في المصارف؛ غالبا ما يتعرضون لخسائر كبيرة؛ عندما تتعرض القيمة الحقيقية لمدخراتهم للتآكل سنة بعد الأخرى مع ارتفاع الأسعار، أما من يجسد مدخراته في أشكال عينية أو حقيقية كالأراضي والمعادن النفيسة؛ فهو المنتفع من ارتفاع الأسعار على هذا النحو. ومع الارتفاع المستمر للأسعار يدرك الناس أن الشراء اليوم عند مستويات الأسعار السائدة أفضل من الشراء في الغد حيث ترتفع الأسعار؛ فيسارعون إلى "الاكتناز" أي شراء السلع والتحف والمعادن النفيسة
4-التخلي عن العملة الوطنية واللجوء لعملة أجنبية أكثر ثباتًا في قيمتها:- وهو أمر ينعكس على تدهور سعر الصرف للعملة المحلية.
5- وسرعان ما يضر التضخم الآخذ في التصاعد بميزان المدفوعات للدولة، ومن ثم باقتصادها ككل ويتمثل ذلك في أوجه الآتية:
أ-تعرّض الصناعة المحلية لمنافسة شديدة من الخارج ، وما ينجم عن ذلك من طاقات عاطلة وبطالة وانخفاض في مستوى الدخل المحلي.
ب- نتيجة لزيادة الطلب على السلع المستوردة وانخفاض الطلب على السلع المحلية يزداد العجز في ميزان المدفوعات والذي تتطلب مواجهته إما استنزاف احتياجات البلاد من الذهب والعملات الأجنبية، أو اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، أو تصفية ما تملكه الدولة من أصول بالخارج. ومع نمو العجز في الموازنة العامة ، كما حدث في العراق في سنوات الحصار ستلجأ الحكومة إلى زيادة ضخ عملتها المحلية فتتزايد كمية النقود دون أن يقابل هذه الزيادة زيادة مناظرة في حجم الناتج، مما يدفع الأسعار إلى مزيد من الارتفاع وتدخل الدولة في حلقة مفرغة.أما الأثر الاجتماعي الذي لا يمكننا إغفاله هو أن الغلاء المستمر يؤدي إلى تفشي الرشوة والفساد الإداري والتكسب غير المشروع وما إلى ذلك من معاملات فاسدة؛ حيث يلجأ الناس إلى هذه الأمور كخط دفاع لمواجهة التدهور المستمر الذي يحدث في دخولهم الحقيقية، ومن ثم في مستوى معيشتهم.. ولهذا فليس عجيبًا أن تكون البلاد المصابة بالتضخم هي أكثر البلاد تعرضًا للفساد.
خامسا/ متى أصيب العراق بعدوى التضخم
لم يعرف العراق قبل عقد السبعينات من العقد المنصرم أي نوع من أنواع التضخم ، وقد عرف التضخم كل أنواع التضخم بما في ذلك أكثر أنواعه فتكا ،عندما أبتلي خلال الفترة (1968- 2003 ) بحكومة ديكتاتورية فاسدة و فاقدة للضمير والحس الوطني، كما كانت حكومة تفتقر الى الرؤية والإرادة لتحقيق التنمية الاقتصادية ، فظلت تدير السلطة بدون سياسات اقتصادية وإنمائية واضحة، وضيعت الفرصة التي وفرتها موارد الريع النفطي التي تحققت في العراق خلال عقد السبعينات والثمانينات من القرن المنصرم ،و لم تفلح في استثمار تلك الموارد في إيجاد مصادر قوة اقتصادية وسياسية واجتماعية جديدة وفاعلة لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الديمقراطية والعدل الاجتماعي،و تمخض عن ذلك تعميق للاختلالات الهيكلية و تدمير جهود التنمية،فرغم غنى العراق بالموارد المادية والبشرية ألا أنه شهد خلال تلك الحقبة السوداء من تاريخه أسوء أنواع الاختلالات الاقتصادية .بفعل الاستغلال الجائر للثروة النفطية والموارد العامة للإنفاق على الحروب و ألأنشطة الأمنية والعسكرية ، وحالة الإهمال شبه الكامل لعملية التنمية وعملية الإصلاح الاقتصادي .وكان من الطبيعي أن تقود تلك الفوضى الاقتصادية الى المشاكل الكارثية التي واجهت العراق بعد ذلك ، وفي مقدمتها الحروب الثلاث المدمرة ، الأولى ضد إيران والثانية مع الكويت والثالثة انتهت باحتلال العراق وما رافق تلك الكوارث من مطالبات أبرزها :-
1-نشوء مطالبات بتعويضات جائرة وفرض نسبة تعويضات هائلة تستقطع من الإيرادات النفطية.
2- اللجوء الى استخدام السياسات المالية والنقدية التوسعية التي قادت الى التضخم الجامح و انهيار القوة الشرائية للعملة العراقية ،فتدنت حياة الملايين من العراقيين،وأصبح العيش بدون " البطاقة التموينية"مستحيل بالنسبة للسواد الأعظم من الناس، وبخاصةً ذوي الدخول الثابتة.كما أدى هذا التضخم الى إعادة توزيع الثروات لصالح فئات صغيرة متنفذة من التجار والفئات الطفيليةالتي تتمتع برعاية الحكومة.
3-مشاكل كارثيه أخرى رافقت الحروب والحصار الاقتصادي، كانتشار مظاهر الفساد الإداري والمالي، تدمير البيئة ،استنزاف الموارد الطبيعية ،تدمير نظم التعليم، والصحة، والغذاء ، وتآكل رأس المال الوطني ،تمزق النسيج الاجتماعي و بروز الاحتقان الطائفي، تدني القيم الأخلاقية بسبب الفاقة والعوز والخوف وانتشار الجريمة.

وكانت النتيجة الاقتصادية المترتبة على تلك المهالك هي دخول الاقتصاد العراقي في حالة من الركود الاقتصادي الطويل الأجل تمخضت عنه أسوأ أنواع الاختلال القطاعي ، وتعمقت خلاله حالة عدم التناسب بين القطاعات التي تمثل مصادر العرض السلعي المحلي من جانب والقطاعات التي تمثل روافد الطلب المحلي التي يتم تغذيتها بموارد الريع النفطي وبخاصة أنشطة الأمن والمخابرات والدفاع ،الأمر الذي عمل على تعميق الهوة بين القدرات الإنتاجية الحقيقية للاقتصاد الوطني والمعبر عنها بـالقيم المضافة المتولدة في قطاعي الصناعة التحويلية والزراعة ، والقدرات الاستهلاكية الكبيرة المتمثلة بالدخول المتولدة في هذه الأنشطة ، فضلا عن تفاقم الديون الخارجية المستحقة ، وتعاظم الانكشاف الغذائي ، وتعاظم معدلات التضخم المفتوح.

سادسا /دور الحكومات العراقية الانتقالية في استفحال التضخم .
رغم أهمية ما تحقق بعد 9/4/2003 من تحرر من الدكتاتورية والخوف والقمع الدموي والتمتع بالحريات الفردية والعامة وحرية العمل السياسي ، و التخلص من نسبة كبيرة من الديون الرسمية، ألا أن الحكومات الوطنية المتعاقبة بعد 30/6/2004 واجهت إخفاقاً في مجالات عديدة أهمها :-
1-التدهور المستمر في الملف الأمني .
2-الإخفاق في عملية إعادة أعمار البنية الإنتاجية و مشاريع البنية الأساسية والخدمات العامة المخربة ،وبخاصة في مجال صناعة تصفية النفط و قطاعات الكهرباء والمياه والصرف الصحي.
3- ارتفاع معدلات الفساد المالي والإداري بين الموظفين الكبار ،
4- منح الأولوية في عملية التوظيف للولاء الحزبي والطائفي و ليس لعنصر الكفاءة والنزاهة
5-لم يتحقق أي تقدم هام في عملية النمو الاقتصادي والتشغيل وتحسين مستويات المعيشة ، وخفض معدلات التضخم .

أن تلك الإخفاقات ساهمت في تعميق الاختلالات السابقة في الهيكل الإنتاجي واستفحال ظاهرة التضخم ، وقد ارتبط ذلك الإخفاق بعاملين مهمين ، الأول :- هو انكماش إيرادات النفط وتدهور عملية انتاج المشتقات النفطية.والثاني:- هو اتساع نطاق العمليات الإرهابية وتدهور الوضع الأمني وبشكل خاص عمليات التخريب الواسعة النطاق التي لحقت بالبنية الإنتاجية والبنية التحتية،و بخاصة في قطاع الماء والكهرباء ، وقد ترك هذان الحدثان بصمتيهما الواضحتين على الأولويات القطاعية لصانعي السياسة الاقتصادية وبالتالي على آلية التصرف في الموارد الإنتاجية المتاحة ، فقد أخذت عملية تخصيص الموارد المالية وكذلك تجارة الاستيراد ، تتحيز بشكل واضح لصالح الأنشطة الخدمية التي تتصل بشكل مباشر بعملية تحقيق الاستقرار الأمني، وهي نشاط الإدارة العامة والأمن والدفاع الى جانب الأنشطة ذات الصلة بحياة الناس اليومية كالصحة والتعليم والخدمات البلدية ،ومن الطبيعي أن يأتي هذا التركيز على حساب الإهمال النسبي للأنشطة الإنتاجية ، وتمثل ذلك بعدم تخصيص المبالغ الكافية لإعادة أعمار البنية الإنتاجية والبنية التحتية بخاصة ذات الصلة بالنشاط الإنتاجي في قطاع الماء والكهرباء ،وكان الوضع أكثر تفاقما في قطاع الصناعة التحويلية ،مقارنة بالقطاع الزراعي الذي حظي ببعض الاهتمام بسبب الضغط الشعبي ووجود الصعوبات الأمنية التي ترافق عمليات استيراد السلع الزراعية والمواد الغذائية من دول الجوار فضلا عن النقص في العملات الأجنبية .ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك بشكل ركود نسبي في مجموعة الأنشطة السلعية المسؤولة عن زيادة حجم العرض الإنتاجي الحقيقي و انتعاش في مجموعة الأنشطة الخدمية المغذية للطلب الفعلي ، كما انعكس هذا الاختلال بين هاتين المجموعتين على عدد غير قليل من العلاقات الاقتصادية فاختلت العلاقة بين الانتاج والاستهلاك ومن ثم الــــــعلاقة بــــين العرض والطلب فضلاً على الاختلال الموروث من النظام السابق بين الرأسمال الإنتاجي المباشر والرأسمال الاجـــــتماعي الذي تعمق بسبب عمليات التخريب ، كما تعمق الاختلال بين الـــــــقدرات المـــــحليــــة علـــــى تحقيق الاكـــــتفاء الــذاتــــي والـتـنمية الانـدفاعيـة من جهة وبين التبعية المتفاقمة الاقتصادات المتقدمة من جهة أخرى . وأخيرا انعكست الاختلالات السابقة على مستويات الأسعار بالتضخم المفتوح ، وعلى الموارد البشرية بالهدر والتخلف وتدهور الإنتاجية.
.
سابعا / ما المطلوب من الحكومة العراقية المنتخبة
بناءا على ما تقدم نجد أن في مقدمة المهام التي تواجه حكومة المالكي ما يأتي :-
1- تحديد واضح لبرنامجها لإنعاش الاقتصاد العراقي وبخاصة من حيث :-
أ- وضع جدول الزمني لبناء المصافي ومعالجة أزمة المحروقات ، وجدول زمني تحدد فيه مدى قابليتها على زيادة العوائد النفطية
ب-تحديد للسياسات التي ستتبناها من اجل تخفيض أعباء الديون الخارجية والتعويضات
ت- تحديد لخطوات الإصلاح الاقتصادي التي ستتبناها لمواجهة الاختلال في الهيكل الإنتاجي ومشاكل البطالة والتضخم ،مع ضرورة تحديد معدلات النمو السنوية التي ستتحقق في الناتج المحلي الإجمالي، ودخل الفرد ، ومعدل انخفاض البطالة .ث- التغييرات التي ستجريها لرفع كفاءة الأداء الاقتصادي من خلال محاربة الفساد الإداري والاقتصادي.
ح- الجدول الزمني الذي ترى أنه يمكن أن يحقق التناسب بين انسحاب قوات الاحتلال و تطوير القوات المسلحة العراقية
خ-حجم المنح والمساعدات الدولية التي يمكن أن تتلقاها من الدول ومؤسسات التمويل الدولية
ج- وضع السيناريوهات التي تحدد إمكانيات النجاح في تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي الداخلي .
2- عند تبني سياسات التحرير الاقتصادي ، من الضروري أن يرافق تلك السياسات :-
أ- وضع تشريعات وضوابط منظمة للسوق وقوانين تضمن حقوق العاملين وحرية التنظيم المهني والنقابي وتحفظ حقوق المستهلكين وتضمن للأطراف المتعاقدة تطبيق شروط المنافسة، وتؤمن السيطرة النوعية على المنتجات والسلع المتداولة، إضافة إلى التأكيد على تعزيز دور أجهزة الرقابة المالية للدولة في هذه العملية.
ب-تقوية شبكات الضمان الاجتماعي للعراقيين
ت- الارتقاء بالخدمات الاجتماعية، كالخدمات الصحية و التعليمية الأساسية مع ضرورة الحرص على تقديمها مجاناً، واعتبار التمتع بها حقاً شاملاً من حقوق المواطنة والإقامة على أرض العراق والمطالبة بإلغاء نظام التمويل الذاتي.
ث- معالجة أزمة السكن عبر الجمع بين مشاريع إسكانية تمولها الدولة للفئات الضعيفة الدخل وتيسير الإقراض العقاري للفئات المتوسطة الدخل.
وأخيرا فأن أمام الحكومة الجديدة مهمة معقدة جداً..لا تحسد عليها ، فعليها أن تثبت بأن لديها أمكانية للجمع بين أبعاد المثلث الصعب ،وهو قوة الحكومة بمعيار قدرتها على تحقيق الاستقرار الأمني ،ووجود الضمير والحس الوطني لدى مسؤوليها بمعيار قدرتها على البدء بتطبيق معايير العدالة الاجتماعية وعدم التفرقة بين فئات وطوائف الشعب العراقي وحركاته السياسية المختلفة ، ووجود البرنامج الاقتصادي الناجح بمعيار القدرة على رفع معدلات النمو الاقتصادي وتخفيض معدلات التضخم ، والبدء ببرنامج لتحقيق التنمية وتصحيح الاختلالات الهيكلية .







ليست هناك تعليقات: